مشروع قانون لتشريع "الانتحار بمساعدة الغير" يشق طريقه في بريطانيا
مشروع قانون لتشريع "الانتحار بمساعدة الغير" يشق طريقه في بريطانيا
تشهد بريطانيا حالات انتحار بمساعدة الآخرين، رغم تجريم القانون تلك القضية وفرض عقوبة السجن على من يساعد شخصاً في إنهاء حياته، ما أثار القضية مجدداً بطرح مشروع قانون للموافقة عليه وإقراره رسمياً داخل البلاد بدلاً من اللجوء لدول أخرى تتمتع بهذا الحق الإنساني كما يسميه البعض.
وفي هذا الشأن، تروي عضو مجلس اللوردات، (وهو الغرفة العليا في برلمان المملكة المتحدة) مولي ميتشر، قصة انتحار خالتها المريضة بسرطان الكبد بعدما أسرفت في إحدى الليالي بتناول العقاقير والمشروب، وفق (فرانس برس).
وتقول ميتشر، إنّ "الموت بمفردك من دون أن تودع أحداً حتى زوجك أمر محزن جداً".
وقدمت عضو مجلس اللوردات مشروع قانون للسماح في بريطانيا بما يفضل الناشطون البريطانيون تسميته "المساعدة على الموت" للمرضى في المرحلة النهائية الذين يؤكّد طبيبان على الأقل أنّهم سيموتون في أقل من ستة أشهر وبعد الحصول على قرار قضائي.
وفي السياق، قالت سارة ووتون من جمعية "الموت بكرامة" تم نظر القضية في عام 2015، ولكن من دون إحداث أي تغيير، وحالياً تسير الأمور في الاتجاه الصحيح، على غرار ما يحصل في بلدان أخرى تتطور فيها التشريعات في هذا الشأن.
وفي منتصف سبتمبر الماضي اتخذت الجمعية الطبية البريطانية النافذة موقفاً محايداً حول قضية الانتحار بمساعدة الغير، بعدما كانت من أشد معارضيها وهو ما اعتبرته الجمعيات "خطوة تاريخية".
ممارسات تمييزية
وطالب الناشط أليكس باندولفو المصاب بمرض ألزهايمر، بتغيير القانون حتى يضع حداً للممارسات التمييزية، موضحاً أنّ "الانتحار بمساعدة الغير يُمارَس أصلاً مع الأشخاص المحظيين".
وأشار إلى أن الأشخاص الذين بإمكانهم إنفاق عشرة آلاف جنيه إسترليني (13500 دولار) للإقامة في فندق أو للسفر يمكنهم الموت في مكان آخر من دون أي مشكلات.
رأي باندولفو ينبع من رغبته في تفادى المرور بتجربة والده الذي عانى لخمس سنوات من الضمور الجهازي المتعدد، حيث قرر باندولفو الانتحار بمساعدة الغير في سويسرا، منوها بأنّه كان يفضل أن يحصل ذلك في إنجلترا ليكون إلى جوار أحبائه.
ويضيف قائلاً: "لست مستعجلاً على الموت، لكن حُكم عليّ به عام 2015، وأنا أموت أصلاً من هذا المرض العضال"، مضيفاً: "كل ما أطلبه هو مساعدتي على الموت عندما يصبح المرض لا يُحتمل، أي القيام بتسريع الأحداث".
ويروي الرجل ذو الشعر الأبيض والممدد في فراشه في لانكاستر الواقعة شمال بريطانيا بحس فكاهي يتناقض مع وضعه الصحي، كيف أنّ المرض "أثّر بشكل كبير على حياته"، إذ أحدث تغييرات في ذاكرته وقدراته الحركية، وقدرته على التحدث، والقيادة، ومتابعة مباريات كرة القدم.
الخوف من الضغط على الضعفاء
وفق معايير مشروع القانون المقترح لن يكون باندولفو مؤهلاً للموت الرحيم ولن يكون متمتّعاً بقدراته كلّها عندما يبقى له ستة أشهر للعيش.
وتستند عضو مجلس اللوردات في مشروع القانون المقترح إلى قرار سياسي مبني على الحقائق، معتبرة أنّه لا يملك فرصة كبيرة للإقرار، بسبب وجود مقاومة قوية خاصة من جانب رجال الدين والمتدينين.
وأعرب المسؤول الروحي للأنغليكان، جاستن ويلبي، خلال جلسة استماع برلمانية عن خوفه من أنّ القتل الرحيم يمكن أن يعرّض الأشخاص الضعفاء لضغوط، كما أعرب في حديث عبر "بي بي سي" عن خشيته من حدوث أخطاء في تشخيص حالة المريض.
وبحسب استطلاع أجراه معهد "يو غوف" في أغسطس الماضي فإن 73 في المئة من البريطانيين يؤيدون مساعدة الأطباء للمرضى الذين يكونون في مراحلهم الأخيرة، لكنّ هذا الرأي لا يؤيده إلا ثلث أعضاء البرلمان.
وهنا تؤكد سارة ووتون أنّه في حال عدم إقرار مشروع القانون، سيكون قد أثار على أي حال القضية في البلاد، معتبرةً أنّ مشروع قانون مشابهاً قُدّم في اسكتلندا يتمتع بفرصة أكبر للموافقة عليه.
وترى ووتون أنّ الانتحار بمساعدة الغير من غير المقبول أن يصبح على المدى الطويل قانونياً في جزء من البلاد وغير قانوني في أجزاء أخرى.
يذكر أن مسألة الموت بمساعدة الغير مطروحة أيضاً في جمهورية أيرلندا المجاورة المعروفة بانتمائها الكاثوليكي، ما يجعل أليكس باندولفو يأمل في إحراز تقدم من شأنه أن يريح المرضى، كما كان الوضع عندما تمت الموافقة على ملفه في سويسرا.
واختتم حديثه عن ذلك قائلاً: "توقفت عن القلق بشأن موتي وبدأت أستمتع بالأمور التي ستقدمها لي الحياة".